الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف
.ذِكْرُ الرَّجُلِ يَنْسَى سُجُودَ السَّهْوِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ أَوْ يَتَكَلَّمَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَنْسَى سَجْدَتَيِ السَّهْوِ حَتَّى يَتَكَلَّمَ أَوْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّهُمَا قَالَا: إِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ عَنِ الصَّلَاةِ لَمْ يَبْنِ وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنْ ذَكَرَهَا وَهُوَ قَاعِدٌ سَجَدَهُمَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُمَا عَلَيْهِ حَتَّى يَتَكَلَّمَ أَوْ يَخْرُجَ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ الْحَكَمُ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ: إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ أَعَادَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مَا دَامَ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ أَرْجُو يَعْنِي يَرْجِعُ وَيَسْجُدُ.وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَسْجُدُهُمَا إِذَا ذَكَرَهُمَا، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، وَقَتَادَةَ.وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: قَالَهُ مَالِكٌ، قَالَ مَالِكٌ: يَسْجُدُهُمَا وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ مَتَى مَا ذَكَرَ ذَلِكَ، وَلَا يُعِيدُ لَهُمَا الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ سَهْوُهُ أَوْجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدُهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ فَنَسِيَ ذَلِكَ حَتَّى قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَتَبَاعَدَ فَلْيُعِدِ الصَّلَاةَ، وَهَذِهِ حِكَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ. وَحَكَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ: أَرَى أَنْ لَمْ يَذْكُرْهُمَا حَتَّى يَنْتَقِضَ وُضُوءُهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الصَّلَاةَ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَكَانَ يَقُولُ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: مَنْ سَهَا عَنْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ حَتَّى يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ، أَوْ عَمَدَ تَرَكَهُمَا فَفِيهِمَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْجُدَهُمَا مَتَى ذَكَرَهُمَا، وَالْآخَرُ: أَنْ لَا يَعُودَ لَهُمَا، وَحَكَى الرَّبِيعُ عَنْهُ: أَنَّهُ قَالَ: وَلَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى إِمَامٍ وَلَا مَأْمُومٍ وَلَا أَحَدٍ صَلَّى مُنْفَرِدًا مَنْزِلَةُ سُجُودِ السَّهْوِ مَا كَانَ السَّهْوُ نَقْصًا مِنَ الصَّلَاةِ أَوْ زِيَادَةً، إِعَادَةُ صَلَاةٍ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا شَيْءَ عَلَى تَارِكِهِمَا، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: إِنْ كَانَ سَهْوُهُ نُقْصَانَ مِنَ الصَّلَاةِ فَسَلَّمَ، وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، فَهُوَ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ، وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ.قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: لَا يَسْجُدُهُمَا بَعْدَ الْكَلَامِ فَخِلَافُ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَهُمَا بَعْدَ الْكَلَامِ، قَالَ لِذِي الْيَدَيْنِ: «مَا قَصُرَتْ وَلَا نَسِيتُ»، وَقَالَ لِلْقَوْمِ: «أَكَمَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟» وَقَالَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: «لَوْ حَدَثَ لَأَنْبَأْتُكُمْ»، وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَكَذَلِكَ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ عَنِ الْقِبْلَةِ لَمْ يَسْجُدْهُمَا، لِأَنَّ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنَ الْعَصْرِ، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ، فَقَامَ الْخِرْبَاقُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَادَ أَوْ نَقَصَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ وَأَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قُلْنَا: يَا رَسُول اللهِ أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟.قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا أَقْبَلَ الْإِمَامُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ فَقَدِ اسْتَدْبَرَ الْقِبْلَةَ..ذِكْرُ الْمَأْمُومِ يَسْهُو خَلْفَ الْإِمَامِ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَأْمُومِ يَسْهُو خَلْفَ الْإِمَامِ.فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ: لَيْسَ عَلَى مَنْ سَهَا خَلْفَ الْإِمَامِ سَهْوٌ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَذَكَرَ إِسْحَاقُ أَنَّ هَذَا إِجْمَاعٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَرُوِّينَا عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّهُ قَامَ عَنْ قُعُودِ الْإِمَامِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: فِيمَنْ أَدْرَكَ وِتْرًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ، فَقَضَى مَا عَلَيْهِ، أَنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا، يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْقَوْلِ، إِذْ لَمْ يَذْكُرْ سُجُودَ السَّهْوِ..ذِكْرُ الْإِمَامِ يَسْهُوَ فَلَا يَسْجُدِ السَّهْوَ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمَأْمُومِ إِذَا سَهَا الْإِمَامُ فِي صَلَاتِهِ وَسَجَدَ أَنْ يَسْجُدَ مَعَهُ. وَحُجَّتُهُمْ فِيهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ فَسَجَدَ فَعَلَيْكَ أَنْ تَسْجُدَ مَعَهُ، لِأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِمَامِ يَسْهُو فَلَا يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا لَمْ يَسْجُدْ لَمْ يَسْجُدُوا كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْقَاسِمُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَوْهَمَ الْإِمَامُ فَلَمْ يَسْجُدْ سَجَدَ الْقَوْمُ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَكَمِ، وَقَتَادَةَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا شَيْءٌ وَجَبَ عَلَيْهِمْ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَزُولُ عَنْهُمْ تَرْكُهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مُؤَدٍّ فَرِيضَةً وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ، فَلَا يَزُولُ عَنْهُ إِلَّا بِأَدَائِهِ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ إِسْحَاقَ، فَحَكَى عَنْهُ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا..ذِكْرُ الرَّجُلِ يُدْرِكُ بَعْضَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَعَلَى الْإِمَامِ سُجُودُ السَّهْوِ: وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يُدْرِكُ بَعْضَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَعَلَى الْإِمَامِ سُجُودُ السَّهْوِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ يَقُومُ لِيَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَالضَّحَّاكِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْضِي ثُمَّ يَسْجُدُ، كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا يَخْلِطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلَاتِهِ. وَفَرَّقَتْ فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ بَيْنَ السُّجُودِ الَّذِي يَسْجُدُهُ الْإِمَامُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَبَيْنَ مَا يَسْجُدُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ، فَقَالَتْ: إِذَا سَجَدَهُمَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ سَجَدَهُمَا مَعَهُ، وَإِنْ سَجَدَهُمَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ قَامَ فَقَضَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَسْجُدُهُمَا، هَكَذَا قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ.وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ يَسْجُدَ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْضِي، ثُمَّ يَسْجُدُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاةِ، كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ.قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ احْتُجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ». مَنْ قَالَ: يَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ يَقْضِي، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ مَنَ فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ يَفْعَلُ مُتَّبِعًا لِلْإِمَامِ مِنْ جُلُوسٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجُلُوسِ، خِلَافٌ مِمَّا يَفْعَلُهُ لَوْ صَلَّى وَحْدَهُ، فَكَذَلِكَ يَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ سُجُودَ السَّهْوِ، ثُمَّ يَقْضِي اتِّبَاعًا لِلْإِمَامِ. وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ: يَقْضِي ثُمَّ يَسْجُدُ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ يَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ سُجُودَ السَّهْوِ فَكَذَلِكَ هَذَا يَفْعَلُ لِفِعْلِ إِمَامِهِ فَيَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، كَالتَّكْبِيرِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكَبَّرُ الْمَأْمُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ إِذَا فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِي كِتَابِ الْعِيدَيْنِ..ذِكْرُ مَنْ فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَأَغْفَلَ الْقَضَاءَ حَتَّى دَخَلَ فِي صَلَاةِ تَطَوُّعٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَسْبُوقِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ يُغْفِلُ الْقَضَاءَ حَتَّى يَدْخُلَ فِي صَلَاةِ تَطَوُّعٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُلْغِي مَا صَلَّى مِنَ التَّطَوُّعِ وَيُتِمُّ مَا فِي صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، نَسِيَ أَنَسٌ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ حَتَّى دَخَلَ فِي التَّطَوُّعِ ثُمَّ ذَكَرَ، فَصَلَّى بَقِيَّةَ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، وَبِهِ قَالَ الْحَكَمُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَوْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، أَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَلَا يَعْتَدُّ بِرَكْعَتَيِ التَّطَوُّعِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا دَخَلَ فِي تَطَوُّعٍ بَطَلَتْ عَنْهُ الْمَكْتُوبَةُ وَيَسْتَأْنِفُ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا ذَكَرَ ذَلِكَ وَقَدْ تَنَفَّلَ بِرَكْعَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَبْتَدِيَ إِذَا تَطَوَّعَ بَيْنَ فَرِيضَتِهِ.وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ مَا عُمِلَ فِي النَّافِلَةِ إِنْ كَانَ قَرِيبًا رَجَعَ إِلَى الْمَكْتُوبَةِ، فَأَتَمَّهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ وَرَكَعَ فِيهَا رَكْعَةً بَطَلَتِ الْمَكْتُوبَةُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّخَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: إِنْ ذَكَرَهَا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ جَعَلَهَا تَمَامَ صَلَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ صَلَاتَهُ..ذِكْرُ السَّهْوِ فِي التَّطَوُّعِ: وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ صَلَّى تَطَوُّعًا فَسَهَا فِي صَلَاتِهِ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَوْهَمْتَ فِي التَّطَوُّعِ فَاسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ.1713- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا أَوْهَمْتَ فِي التَّطَوُّعِ فَاسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ. وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَتَادَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا أَوْهَمَ فِي التَّطَوُّعِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ..ذِكْرُ السَّهْوِ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ سَهَا فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ سَهْوٌ، كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَمُغِيرَةُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَالْبَتِّيُّ، وَمَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَقَالَ إِسْحَاقُ: هُوَ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ التَّابِعِينَ، وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: يُعِيدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، يَعْنِي فِي رَجُلٍ سَهَا فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ.مَسْأَلَةٌ.قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا، فَقَامَ فِي الَّتِي أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ فِيهَا، فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: يَمْضِي فَإِذَا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَتَشَهَّدَ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقَامَ عَنِ التَّشَهُّدِ، فَذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الثَّالِثَةَ، رَجَعَ فَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَسْجُدْ لِأَنَّهُ رَجَعَ إِلَى يَقِينِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى».وَقَالَ مَالِكٌ: يَمْضِي إِذَا قَامَ إِلَى الثَّالِثَةِ حَتَّى يُتِمَّ الرَّابِعَةَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ.وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: وَإِنَّ تَطَوَّعَ بِرَكْعَتَيْنِ فَوَصَلَهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَرْبَعًا سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى»..جِمَاعُ أَبْوَابِ فَضَائِلِ الْجُمُعَةِ: .ذِكْرُ فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَأَنَّهَا أَفْضَلُ الْأَيَّامِ وَأَنَّ اللهَ جَعَلَ فِيهَا سَاعَةً يَسْتَجِيبُ فِيهَا دُعَاءَ الْمُصَلِّي: 1714- حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُهْبِطَ مِنْهَا، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ فَيَسْأَلَ اللهَ خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ».1715- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيِّدُ الْأَيَّامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ».قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِهِ: يَسْأَلُ اللهَ خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُسْتَجَابُ مِنَ الدُّعَاءِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِالْخَيْرِ دُونَ الْمَأْثَمِ..ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَعْلَمَ أَنَّ دُعَاءَ الْمُصَلِّي الْقَائِمِ يُسْتَجَابُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، دُونَ دُعَاءِ غَيْرِ الْمُصَلِّي، وَدُونَ دُعَاءِ الْمُصَلِّي غَيْرِ الْقَائِمِ: 1716- أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: «فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا إِنْسَانٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا»..ذِكْرُ وَقْتِ تِلْكَ السَّاعَةِ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: 1717- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: ثنا مَخْرَمَةُ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ هُوَ ابْنُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هُوَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ يَعْنِي عَلَى الْمِنْبَرِ إِلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ».قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: دَلَّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُصَلٍّ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ رَبَّهُ فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ، أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي يُسْتَجَابُ فِيهَا الدُّعَاءُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ. قَالَ: وَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى إِبَاحَةِ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ.
|